اهداء إلى ثوار الربيع العربى
إلى كل جلاد طغى
فاروق جويدة
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
عار علينا أن نقول بأن ضوء الصبح
عار علينا أن نقول بأن تـاريخ الشعوب
وعصابة سرقت.. وناس ينـهبون
عار علينا أن نقول بأن غاية حلـمنا
عار علينا أن نقول بأن ثورتـهم
في عتمة الليل الطويل تـقـدموا
وتطـهروا من رجس أيام عجاف..
لم يعرفوا رقص الحبال علي حمي الأوطان..
كانوا ورب الناس آخر ما تبقي..
لم يركعوا لمواكب الطغيان..
كانوا رجالا عندما انتفضت حشود الفجر..
في صرخة الأمل الوليد علي ضفاف النيل..
لم يركعوا يوما لغـير الله..
وكتائب الدجل الرخيص علي الشعوب يزايدون
والكل في سوق الغـنـائم والنفاق يبايعون
عار علينا أن نقول بأنهم متـآمرون
ضاع في ليل المآسي والشجون
وكانوا صرخة الجوع المكـابـر..
شربوا عكـار النيل ذاقـوا بؤسه
وترنحوا زمنـا علي شطآنه الثــكــلـي..
ورغم اليأس عاشوا يحـلـمون
هم صفـعة الجلاد في زمن المهانة..
نبتـوا وراء معاقل الشيطان..
عاشوا مع الموتي.. وسكان المقابر..
في الصـلـوات لـيلا يشنقون
في زمن التــلوث والتـخنـث والمجون
شربوا الخيانة من زمان باعهم
قصص الخيانة تملأ الصفحات عارا
واسألوا التاريخ عن وطن يباع
وحكام بسيف القـهر فينا يرتعون
كم عشت أصرخ بين أشباح الظلام..
أرض يضاجعها الفساد.. وساد فيها المفسدون
وجه النهار يصير ليلا حين تـخـتـنـق العيون
وجه الضمير يصير أشلاء مبعثرة
حتي الدماء تهون.. في سوق النـخـاسة
أجمل الأشياء في الدنيا يهون
هدم القلاع.. وحطـم الأصنـام..
من طين هذي الأرض.. من أكـفـانها
من وحشة الفقراء.. من سخط الحياري
من أنين الجوع قاموا يصرخون
شعب بطول الكون يخرج للشوارع
والعظام السود صارت ظل أشجار
ولاحت في بقاياها الأزاهر والغـصون
شيخ عجوز مات مصلوبا علي الجدران..
جاء الآن يحكي ما طوت منا السنـون
شهداؤنا عادوا إلي الميدان..
شهداؤنا رحلـوا.. وغابوا ثم غابوا من قـرون
في ساحة الميدان عند الفجر..
وسط الشوارع.. في المقاهي..
في المساجد.. في الكنائس يهتفون
تتوحد الأرواح في الأحياء والموتـي
يطــل الصبح.. آلاف الضحايا يسـقـطـون
تتزاحم الأنفاس.. تلتئم القلوب
كـبرت علي وجه الصباح وكبرت
صوت الأجـنـة يملأ الساحات
أنا لا أصدق.. إنهم يتكلمون..
ويحي.. وويح الناس يا الله.. لا يتلعثمون
في ساحة الميدان ألمحهم حشودا يقرأون
شهداؤنا في ساحة الميدان قاموا يهدرون
لم يرفعوا سيفـا.. ولم يتراجعوا
في ساحة الميدان فاضت كالصلاة دماؤهم
تكبر الأشجار.. يزهو الكون
والشهداء في ركب الرحيل يسارعون
كانوا بلون الزهر يختبئون في سعف النخيل
وما تبقـي من دعاء الأمهات..
وما تبقـي في دمانا من حصون
حين ساد الجهل وانتهك الشعوب مخـنـثــون!
قد اسقطوا عصرا من الطغيان
كبله الضلال.. وعم فيه الفقر
لحثالة السفهاء منـها يثأرون
فإلي متي سيظل تجار الرقيق
وإلي متي سيظل انصاف الرجال
ويتبع الشرفاء أنـي يذهبون
جرذان السفينة في سواد الليل..
سرقوا ضياء الفـجر من عين الصغار..
وروعوا الشرفاء في ليل السجون
باعوا المآذن والكـنـائس..
ابحث عن الكـهان في سوق الخيانـة
ابحث عن الأرض التي هانت..
عن الأحلام في أيدي السكـاري..
سوف تلقاهم علي جثـث الشعوب يزايـدون
يتـسابقـون من الضلال.. إلي الضلال..
ومن هموم النـاس عاشـوا يسخرون
كـهانـنا يترنـحون.. وكلما سكروا أفـاقـوا
صوت يراوغ لـعنـة التاريخ..
في صخب الجموع يصيح.. من أنتم ؟
وكأن هذا القزم يجهل من نكون..
وكل ما في الكون يعرف من نكون
نحن البقـايا من مفـاتن أمة
حين اشـتـراها في المزاد الغاصبون
باعت ثياب الـعرس.. خانت عرضها
واستســلمت لعصابة الأوباش فيها يعبثون
نحن العذاب المر.. نحن الجائعون
وغدا نراكم في صناديق القمامة تـحرقـون
هذي نهاية عصبة الطـغــيان.. شعب ثائر
وفلول طاغية علي درب الضلال محاصرون
ثأر الشعوب يظل في عنـق الرجال
عار علينا أن نقول بأنهم يتـآمرون
عار علينا أن نقول بأنهم..
عنـدي يقين أن فرسان الربيع الخضر
وأن هذي الأرض لم تـنـجـب..
هل نـطفيء الفجر الذي ملأ الربوع..
وندفن الأفراح في ضوء العيون ؟!
هل نقطع الأشجار من أيامنا
في سوق المهانة والنخاسة والظنون ؟!
في سوق العمالة والدمامة والمجون ؟!
عار علينا أن نقول بأنهم متآمرون
في ساحة التاريخ ينتظر الطغاة..
يتساءل التاريخ: هل عدلوا ؟..
يسود الصمت.. والتاريخ يسأل:
طعم الموت.. أشلاء الضحايا
وعلي المشارف صورة الشـهداء..
أسأل حشود الموت عن دم الضحايا..
عن خراب الأرض.. عن قـهـر الصبايا..
في كل شبـر من ربوع الأرض..
وأرامل تشكو.. وجوعي يلـعنـون
اسمع أنين الناس في الطـرقـات..
والأطفال في المدن الحزينة يصرخون
يتـرنـح الأطفال في علـب القمامة..
بين أسراب الذباب يفـتـشـون
من جـيفـة الموتـي ومن عفـن الموائد يأكلون
أنت لم تـحسب له أبدا حسابا
واستـبـحت الأرض.. فـتـحت السجون
حين استرحت.. وحولك الجرذان..
انظر إلي الكون الـفسـيح لكي تـري
كيف الظلم يمتـهن القلوب..
فأين يا جلاد فر الهاربون ؟
أين الذئاب السود تـعوي في بلاطك؟!
وجئت تسأل أين راح البائعون؟!
في وحشة القـفـص الكئيب تنام وحدك..
تسأل الثوار.. من أنـتـم ؟
ضيعت تاريخا طويلا حين أطلقت الكلاب
وجلست تعبث في الرمال.. وحولك الأوغـاد
يلهو بها الأبناء.. والأعوان.. والمتنـطـعون
العرش تاج العدل بين الناس..
حين يغيب وجه العدل.. يسطـو المفـسدون
وليت كـهان العروبة بعد هذا يفهمون
وفلول أشباح علي درب النهاية ينـهبون
هذي حكاية أمة كانت ضمير الكون..
وباعها العملاء والمتـسلـــقـون
صار العرش قـضبانـا.. وكهلا قـابعـا
والناس من هول الفضائح.. يعجبون
كنت خليفة للــه فوق الأرض..
خربت البلاد.. أقمت للناس السجون
والآن تسأل أين أعواني.. وأين الملك ؟!
ما شيدت يوما من معاقـل.. من حصون ؟!
سقط القناع أمام معبدك المزيف..
الآن تجلس.. لا حشود.. ولا جنود..