السولار السياسى
إذا صدقنا أن الاختفاء المريب للبنزين والسولار ليس مؤامرة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد، وأن السلطة فى بلادنا ليست متورطة فى أى سياسات عقابية أو تخويفية للناس، فالتفسير الوحيد لانفجار الأزمة إذن هو (الغباء السياسى) و(عمى البصيرة الوزارية) عن إدراك الأولويات وحماية الشارع من التوتر والانفجار.
فالبلد الذى يعيش على بركان من الخلافات السياسية القاصمة، وينشط فيه شياطين التصنيف العقائدى وأبالسة التخوين السياسى والدينى، لا ينبغى أبداً أن يشتعل فيه فزع الناس بغياب السولار وتتوهج فيه المخاوف بطوابير البنزين، النار هنا قد تحرق قلب الطامحين إلى الاستقرار السياسى أو الذين يعملون لاستعادة الانفلات الأمنى، إذا قرر الناس عقاب هذه السلطة (عمياء البصيرة).
لا تمر اليوم فى مدينة أو قرية إلا وتحاصرك طوابير المعذبين أمام محطات الوقود، ولا يمضى يوم إلا واندلعت معركة دامية أو تحطمت ممتلكات عامة، نتيجة انتحار صبر الناس، يأسا من الوصول إلى حل أو ظهور تفسير للمشكلة وسط فوضى ترتيب الأولويات الوطنية فى البرلمان والحكومة والمجلس العسكرى.
السولار ملف سياسى باقتدار، وغيابه حالياً على هذا النحو فى أعقاب أزمة البوتاجاز لا يمكن قراءته بروح بريئة، والمشكلة الأكبر عندى هنا أننى كنت أفضل وجود مؤامرة سياسية، لأننا على الأقل نستطيع تحليل خطط المتآمرين ونعرف أولها وآخرها، لكن الكارثة دائماً فى الأغبياء الذين يقودونك إلى الهلاك وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!