البرق
البرق هو ظاهرة ضوئية تظهر في السماء في الأيام التي تتلبد فيها السماء بالغيوم، وينتج هذا الضوء من اصطدام سحابتين إحداهما تحمل الشحنة الكهربائية الموجبة والأخرى تحمل الشحنة الكهربائية السالبة أو من تفريغ كهربائي يحدث من سحابة إلى أخرى أو بين أجزاء السحابة الواحدة أو من سحابة من السحب إلى الأرض. وفي هذا التفريغ الكهربائي تتولد شرارة قوية تظهر على هيئة ضوء نراه فجأة ثم سرعان ما يتلاشى وبعدها بمدةٍ وجيزة يصدر صوت مرتفع يسمى الرعد. فالبرق هنا يحدث في السماء لأن تفريغ الشحنة تحدث في السماء. يرفع البرق درجة حرارة الهواء المحيط به إلى ما يقارب 20 ألف درجة مئوية وينتج عن ذلك موجة صدمة أسرع من الصوت والتي تصل إلينا كموجة صوتية نسميها الرعد.
سرعة البرق تتراوح بين 60 و 1600 كيلومتراً في الثانية، أي نصف سرعة الضوء، يتراوح تياره من بضعة آلاف إلى نحو مائة ألف أمبير، ويبلغ متوسط الجهد الكهربائي حوالي مائة ألف فولت. والبرق لا يكون مضراً إلا إذا انتقل من السحب إلى الأرض فقد يصيب الناس ومنازلهم ومزارعهم. لذا يتم استخدام مانعة الصواعق فوق الأماكن العالية وهي عبارة عن شاخص من النحاس ذو طرف مدبب ويثبت في أعلى المباني ويتصل بسلك معدني سميك ينتهي بلوح معدني مدفون تحت الأرض لكي ينقل التيار الكهربائي ويفرغ الشحنة في الأرض.
البرق عبر التاريخ
كان البرق يشغل تفكير الإنسان منذ فجر التاريخ، وطرحت الكثير من الأساطير حوله لأن الإنسان كان يراه مخيفاً، فعلى سبيل المثال كان الإغريق ينسبون حدوث البرق إلى الآلهة زيوس ويعتقدون أنه كان يستخدمه لتخويف الأعداء والانتقام. وكذلك تنافست الحضارات القديمة على ربط البرق بالقصص الخيالية والأساطير والمعتقدات الدينية وبقيت الخرافات تسيطر على عقول الناس قبل وصول الرسالات السماوية، ومن الجدير بالذكر أنّ البرق والرعد والصواعق والعواصف والأمطار قد ورد ذكرها في القرآن الكريم في الكثير من الآيات. وقد تكرر ارتباط البرق بالخوف والطمع مرتين في القرآن، حيث إنّ البرق قد يكون فيه الخير الكثير وقد يكون فيه الضرر لذلك فإن الإنسان يخافه ويحذره.
وقد بدأت المحاولات الجادة لفهم البرق علمياً في القرن الثامن عشر، أثبت البرق علمياً في عام 1752 م على يد العالم بنيامين فرانكلين من خلال تجربة الطائرة الورقية الخطيرة أن البرق طبيعته كهربائية وأنه شرارة تنتج من التقاء شحنتين متعاكستين واستمرت التجارب والأبحاث منذ ذلك الوقت تباعاً وكان بعضها خطيراً جداً وقد تعرض بعض العلماء للإصابة من المباشرة من البرق ومنهم العالم جورج ريتشمان والذي توفي على الفور من ضربة البرق، ومع الوقت تطورت الأدوات والوسائل وأصبحت أكثر أماناً حتى أنه تم توليد برق صناعي كالذي قام به العالم نيكولا تيسلا عام 1900 م، وهكذا استمرت الأبحاث والتجارب حتى تم الوصول إلى تفاصيل كثيرة حول نشأة البرق وأسباب تشكله وأنواعه.
الفرق بين البرق والرعد
الفرق بينهما بسيط جداً، فالبرق هو الظاهرة الضوئية التي نراها حينما يحدث التفريغ الكهربائي بين السحب كما تحدثنا سابقاً، أما الرعد فهو الظاهرة الصوتية الناتجة عن هذا التفريغ، ومن المعروف أن الضوء أسرع من الصوت لذا فنحن نرى البرق قبل أن نسمع الرعد.
الفرق بين البرق والصاعقة
الفرق بين البرق وبين الصاعقة يكمن في أن البرق يحدث بين أجزاء السحب المختلفة في السماء، ولكن في حالة الصاعقة فإن التفريغ الكهربائي يحدث بين السحاب الذي يحمل الشحنات الموجبة والأرض التي تحمل الشحنات السالبة. والصاعقة قد تسبب في هلاك الإنسان أو إصابته بأضرارٍ جسيمة هو وممتلكاته، وقد تتسبب في حرائق الغابات، مدة الصاعقة لا تتجاوز عشر الثانية وحرارتها قد تصل إلى 15000 درجة مئوية علما بأن حرارة سطح الشمس فقط 8000 درجة مئوية. ومن الخطورة المشي في الأماكن المكشوفة التي ليس فيها أماكن عالية أثناء وقوع الصواعق. أما فيما يخص المنازل والمباني فيمكن إبعاد خطر الصواعق من خلال استخدام مانعة الصواعق التي ذكرناها سابقاً فوق هذه المنشآت.
أنواع البرق
- برق سحابة – أرض، وينتج من أن شحنة السحابة عند الجهة القريبة من الأرض تكون سالبة وسطح الأرض تكون شحنته موجبة وهذه هي الصاعقة التي تضرب الأرض.
- برق سحابة – سحابة، يحدث بين السحب المختلفة الشحنات، وهو الأكثر شيوعاً وانتشاراً في مختلف أرجاء العالم.
- برق سحابة – هواء، ويحدث حينما يكون هناك اختلاف بين شحنة السحابة وشحنة الهواء المحيط بها من أحد الجوانب. ومن الصعب ملاحظة هذا النوع من البرق.
- وهناك برق يحدث داخل السحابة ذاتها وذلك لاختلاف الشحنة بين طرفيها وحدوث تلامس بينهما في ظروف معينة في العواصف الرعدية. كما وأن هناك أنواع كثيرة من البرق مثل البرق الشريطي والبرق الخرزين والبرق المتقطع والبرق المتفرع وبرق الأشباح والبرق الورقي والبرق الحراري والبرق الجاف والبرق الصاروخي وكرة البرق وبرق النفاثات الزرقاء وبرق الأقزام وغيرها.
البرق والمسطحات المائية
أظهرت الإحصائيات والدراسات التي قامت بها وكالة ناسا أنّ غالبية حالات البرق تحدث في اليابسة فقط، مع أن المساحة الغالبة على سطح الأرض هي مساحة المسطحات المائية. وذلك لأنّ الصاعقة تبحث عن أقصر مسار واليابسة غالباً هي أكثر ارتفاعاً من مستوى سطح البحر. وحتى وإنّ ضربت المسطحات المائية بالصواعق فإن الكائنات البحرية تبقى على قيد الحياة لأن البرق لا يخترق السطح المائي لمسافات عميقة تحت تأثير ظاهرة تدعى تأثير القشرة. حيث إنّ هذه الظاهرة هي مسؤولة عن تحويل سطح الموصل الخارجي إلى عنصر حتى تزيد مقاومة الموصل النوعية. والماء المالح في هذه الحالة يقاوم تيار الكهرباء أكثر من الموصل المعدني.
فوائد البرق
- البرق والمطر كلاهما يساهمان في تنقية الجو من الغبار وحبوب اللقاح والملوثات والجراثيم. وبالتالي يمكنك أن تستمع بنقاء الهواء بعد أن تنتهي العاصفة الرعدية.
- الحرارة والضغط المصاحبان للبرق يساعدان على تحويل النيتروجين والغازات الأخرى في الجو إلى مركبات مفيدة مثل أكاسيد النيتروجين وحمض النيتريك وهذه المركبات تسقط من الأمطار وتختلط بالتربة لتعمل كسماد طبيعي مفيد للنباتات.
- البرق يساعد على سقوط الأمطار وري المزروعات، وهو يساعد على تكاثف ذرات الغبار التي تسهل عملية التكاثف وتساقط الأمطار. وكذلك فإنّ البرق يولِّدُ حرارة عاليةً جداً في وقت قصير كما أسلفنا، وهذه الحرارة تسخن الهواء المحيط وهذا يؤدي إلى هبوط الضغط الجوي بسرعة، وهذه هي البيئة المثلى لهطول المطر، لذلك نلاحظ أن قطرات الأمطار الكبيرة تهطل بعد البرق في غالب الأحيان.
- تصوير البرق هواية عند الكثير من الهواة والمحترفين في فن التصوير، وقد ساعد هذا التصوير العلماء على دراسة هذه الظاهرة بشكل موسع، والكثير من هؤلاء المصورين والمهتمين يتعاملون معه كلوحة فنية طبيعية رائعة.
- البرق يولد الماء الثقيل "الماء المؤكسد" الذي يتألف من كميات إضافية من الأكسجين، وهذا الماء مفيد جداً للقضاء على الجراثيم، ويستعمل طبياً في تطهير الجروح وهذا الماء يقضي على الآفات الزراعية عندما يسقط على الأرض، لذلك يقال أن قلة الرعد والبرق تزيد من الآفات النباتية.