معلومات العضو
معلومات إضافية الدوله :
عدد المساهمات : 6
نقاط : 9150
تاريخ الميلاد : 17/04/1978
تاريخ التسجيل : 26/05/2012
العمر : 46
العمل/الترفيه : عال
معلومات الاتصال | موضوع: اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم بالتعريض والإشارة في تعليم ما يُستحيا منه.. السبت يونيو 09, 2012 5:42 pm | |
|
روى البخاري ومسلم1، واللفظ له ، عن عائشة رضي الله عنها :
أنَّ أسماء بِنْتَ شَكَل ، سألَتْ النبي صلى الله عليه وسلم عن غُسْلِ المَحيض2؟ فقال : تأخُذُ إحْداكُنَّ
ماءها وسِدْرَتَها3فتَطَهَّرُ ، فتُحسن الطُّهور ،ثم تصُبُّ على رأسها ، فتَدْلُكُه دلْكاً شديداً حتى تبْلُغَ شؤونَ
رأسِها4، ثم تصُبُّ عليها الماء ، ثم تأخذ فِرْصةً مُمَسَّكَةً فتطهَّرُ بها5.
فقالت أسماء : وكيف تطهَّرُ بها؟ قال : سبحان الله تطهَّرين بها6.
فقالت عائشة ـ وكأنها تُخفي ذلك7ـ : تتبَّعي أثر الدم8.
وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال : تأخذ ماء فتطهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهور ، أو تُبلِغُ الطُّهور ، ثم تَصُبّ على رأسها فتدْلُكُه حتى تبلُغ شؤون رأسها ، ثم تُفيض عليها الماء9. فقالت عائشة : نِعْمَ النساء نساء الأنصار ، لم يمنعهنَّ الحياءُ أن يتفقَّهنَ في الدين
***
1 ـ البخاري 1 :353 و354 في كتاب الحيض (باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض) ، ،
ومسلم 4 :15 في كتاب الحيض أيضاً .
2 ـ أي عن الغُسْلِ بعد انتهاء الحَيْض .
3 ـ السِّدْرة : واحدةُ ورق السِّدر ، وهو شجرٌ معروف ينبُت في الأرياف والجبال والرَّمْل ، ويُسْتَنْبَتُ
فيكون أعظمَ ورقاً وثمراً . وثمرةُ الرّيفيِّ منه طيبةُ الرائحة ، وورقُه يَقلَعُ الأوساخ ويُنقّي البشرة
ويُنعِّمُها ، ويشُدُّ الشعر . وإذا أُطلِقَ (السِّدر) في (باب الغُسل) فالمراد به الورق المطحون منه .
أفاده الفيومي في ((المصباح المنير)) والحكيم داود الأنطاكي في ((تذكرته)) .
4 ـ شؤون الرأس : مَواصِلُ قبائل قُرون الشعر ومُلتَقاه . والمراد : طلبُ إيصال الماء إلى منابت
الشعر ، مُبالغة في الغسل والنظافة . وهذا الفعل من المرأة أمرٌ مستحبٌّ شرعاً ، أخذاً من هذا الحديث الشريف . ***
6 ـ لم يُفصِح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تتطهَّرُ بتلك القِطعة الممسَّكة ، إذْ كان موضع
ذلك مما يُستحيا من ذكره ، واكتفى بالتسبيح إيذاناً أن ذلك ينبغي أن يكون معلوماً لديها من أمثالِها
من النساء .
7 ـ معناه : قالت لها عائشة كلاماً خَفِيّاً تَسمعُهُ المخاطَبة وحدها ، ولا يسمعه الحاضرون في المجلس .
وجملة (كأنها تُخفي ذلك) مُدرجةٌ من كلام الراوي في الحديث ، وليست من كلام عائشة رضي الله عنها .
8 ـ أي موضعه الذي يخرُج منه ، فادلُكيه بتلك القُطنة المطيَّبةِ الممسَّكة ، لتزول الرائحة المُنفِّرة من بقايا
الحيض .
9 ـ أرشدها صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف إلى أن الغسل من الحيض ، يزيد على
غُسل الجنابة ، باستحباب وضع السِّدر في مائه ، ثم بتطييب موضع الدم بعد الفراغ من الاغتسال منه . في هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية الشيءُ الكثير :
***
*التسبيحُ من المعلِّم عند التعجُّب . ومعناه هنا :
كيف يخفى عليكِ هذا الظاهرُ الذي لا يُحتاجُ
في فهمه إلى فكر .
*واستحبابُ الكنايات عند تعليم ما يتعلَّق بالعَوْرات .
*وسؤالُ المرأةِ العالم عن أحوالها التي يُحتشَمُ منها .
*والاكتفاءُ بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجَنة .
*وتكريرُ الجواب لإفهام السائل . وإنما كرَّره عليه الصلاة والسلام ، مع كونها لم تفهمه أوَّلاً ، ،
لأن الجواب به يؤخذُ من إعراضه صلى الله عليه وسلم بوجهه عند قولِه للسائلة :
(تطهَّري) ، أي في المحلِّ الذي يُستحيا التصريحُ به في مواجهة المرأة . فاكتفى بلسانِ الحال
عن لسانِ المقال . وفهمَتْهُ عائشة رضي الله عنها ، فتَولَّتْ تعليمَ السائلة .
*وفيه أيضاً من الأمور التعليمية :
سَواغِيَةُ تفسير كلام العالم بحضرتِهِ ووجودِه لمن خَفِيَ عليه ،
إذا عَرَف أن ذلك يُعجِبُه .
*وجوازُ الأخذِ عن المفضولِ ـ وهو عائشة ـ
بحضرة الفاضل وهو سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
*وصحّةُ العَرْضِ ـ أي القراءة من الطالب ـ على (المُحَدِّث) إذا أَقَرَّه، ولو لم يَقُل عَقِبَ ما عرَضه عليه : (نَعَمْ) .
*وأنه لا يُشترَطُ في صحة تحميل العلم فهم السامع لجميع ما يسمعُه .
*والرِّفْقُ بالمتعلِّم ، وإقامةُ العُذْر لمن لا يفهم . =
*وأنَّ المرءَ مطلوبٌ منه ستر عيوبِه ، وإن كانت مما جُبِلَ عليها ، وذلك من جهة أمرِهِ صلى الله عليه وسلم للمرأة بالتطيُّبِ ، لإزالة الرائحة المكروهة .
*وعدم مواجهة السائل بجوابه في مثل هذه الأمور المُستحيا منها ، فإنه قال لها :
(تأخُذُ إحداكُنَّ) ولم يقل لها : (تأخذين) رعايةً لزيادةِ الأدب في هذا المقام .
*وحُسْنُ خُلُق المعلِّم الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وعظيم حاله وحَيائِه ، زاده الله
تشريفاً وتكريماً وتعظيماً بأبي هو وأمي . |
|